تجاوز المحتوى

مرض الإيدز وكسر حاجز الصمت

يرتبط الحديث عن مرض عوز المناعة المكتسب (الإيدز) في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمفهوم الجنس، مما جعل هذا المرض أسيراً وراء جدران من الصمت، ولا يكاد يصلنا من معلومات عن هذا المرض سوى بعض الإحصائيات الرسمية المتفائلة جداً بأرقام لا تشكل إلا نسباً زهيدة قياساً إلى عدد السكان.

ولهذا الصمت أسبابه فجميع الأديان السماوية تعتبر ممارسة الجنس خارج العلاقة الزوجية من المحرمات، وكون المرض ينتقل بشكل كبير عبر ممارسة الجنس فقد أصبح هذا المرض وصمة عار على جبين المريض، يعيقه في كثير من الأحيان عن الحصول على العناية الطبية اللازمة وإن كانت هذه العناية لا تستطيع حتى الآن أن تجد الدواء الشافي إلا أنها قد تطيل عمر المريض لفترة أطول.

وقد دلت الدراسات الإحصائية أن مرض الإيدز ينتشر بكثرة بين الشباب من الفئة العمرية 19-35 عاماً أي أنه يصيب الفئة الأكثر انتاجاً في المجتمع ، مما يستوجب ضرورة العمل بشدة على كسر حاجز الصمت والتعتيم الذي يغلف هذا المرض وضرورة البحث عن حلول لنشر الوعي والوقاية من خطر المرض كونه يستهدف فئة هامة في المجتمع يعول عليها الكثير من التقدم العلمي والثقافي والاقتصادي.

إذا يتوجب علينا الانطلاق من التوعية أساساً ، التوعية بالمرض وأسبابه وطرق انتشاره، ونشر إحصائيات دقيقة عن حالات الإصابة بالمرض وحالات الإصابة بالفيروس المسبب للمرض، وتوعية العاملين في الحقل الطبي، وكذلك التوعية المستدامة عبر وسائل الإعلام والمناهج الدراسية والجامعية، وإنشاء مراكز الإرشاد والمشورة، فكثير من الشباب لا يعي خطورة المرض وطرق انتشاره، والكثير قد يعتبره مرضاً لا يصيب إلا من له علاقات جنسية محرمة، بينما هو في الحقيقة وباء حقيقي، أو طاعون العصر كما يسميه البعض.

من هنا يقع على عاتق الحكومة أن تضع هذا الموضوع على سلم الأولويات، من خلال التوعية بطرق انتشار المرض وأخطاره، وعلينا كمجتمع أن ننظر إلى أن مريض الإيدز هو شخص بحاجة للمساعدة، فهو لا يشكل خطراُ علينا بقدر ما نشكل نحن الخطر الأكبر عليه، كما يجب نشر المعلومات بين أوساط الشباب عن طرق الوقاية من المرض وطرق استخدام أساليب الوقاية من انتقال المرض سواء عن طريق الاتصال الجنسي أو نقل الدم وغيرها ..

أخيراً يجب أن ندرك أن مريض الإيدز يجب أن يتمتع بكامل حقوقه كمواطن يحتاج إلى مساعدة، فلا يجوز احتجازه أو حجره أو منعه من ممارسة عمله وتعليمه، حتى لو كانت إصابته عن طريق ممارسات سلوكية خاطئة ومن حقه الحصول على العلاج المجاني، ومساواته مع الأصحاء، ويجب أن ندرك أن كل إنسان معرض للإصابة بالمرض بدون استثناء وإن كان هناك فئات عالية الخطورة أكثر عرضة للإصابة من سواها.

زاهر هاشم

1/12/2005

Published inكتابات

كن أول من ‫يعلق على المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.