تجاوز المحتوى

شباب بلا تبغ

يصادف يوم 31 أيار اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، وتحتفل به منظمة الصحة العالمية WHO هذا العام تحت شعار (شباب بلا تبغ).

يعتبر التدخين أحد أبرز الظواهر السيئة المرتبطة بجيل الشباب، وتساهم وسائل الإعلام بدور كبير في انتشار هذه العادة بين صفوف الشباب إما بشكل مباشر عن طريق وسائل الإعلان المختلفة وحملات التسويق والترويج ورعاية النشاطات التي تقوم بها شركات إنتاج التبغ، أو بشكل مبطّن ومخفي عن طريق البرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية التي تظهر التدخين على أنه قيمة مضافة للشباب ترتبط بمفاهيم الجاذبية والإثارة والبلوغ.

وتشير احصائيات “الصحة العالمية” إلى أن معظم المدخنين يشرعون بالتدخين قبل بلوغهم سن الثامنة عشرة، ونحو رُبع أولئك الأشخاص يبدأون تعاطي التبغ قبل بلوغهم العاشرة، مما يزيد فرص إدمانهم وصعوبة إقلاعهم فيما بعد، حيث يستمر معظمهم بالتدخين طيلة حياتهم.

بناء على هذه المعطيات ترى منظمة الصحة العالمية أن شركات التبغ توجه حملاتها الإعلانية نحو جيل الشباب الذي يتأثر أكثر من سواه بالإعلانات التجارية التي تنفق عليها مليارات الدولارات كل عام، وهي تستهدف في ذلك الشباب في أماكن تواجدهم وخصوصاً في قاعات السينما والإنترنت والحفلات الموسيقية والتظاهرات الرياضية، كما تستهدف هذه الشركات الفتيات أيضاً من خلال حمات ترويجية واستراتيجيات تهدف إلى تجاوز وإضعاف ما يظهر من مقاومة ثقافية لهذا الاتجاه خصوصاً في المجتمعات التي لم تألف بعد ظاهرة تدخين الفتيات.

كما تحرص هذه الشركات على جلب المزيد من المدخنين والتشجيع على التدخين لتعويض ما تفقده من زبائن جراء التوقف عن التدخين أو الوفاة، لذلك فهي لا تتوقف عن الترويج لمنتجاتها كسلعة استهلاكية وتطبيع ظاهرة التدخين ونشرها بين صفوف الأطفال والشباب لضمان أكبر شريحة جديدة من المدخنين ولأطول مدة زمنية ممكنة.

وفي سورية يعتبر التدخين ظاهرة شائعة في المجتمع وفي صفوف الشباب بشكل خاص، ولا توجد قوانين تحظر التدخين في الأماكن العامة باستثناء بعض التعميمات الوزارية بمنع التدخين في وسائط النقل العامة، إضافة إلى مرسوم تشريعي يمنع الإعلان عن التدخين في الوسائل الإعلانية بكافة أنواعها.

وقد انتشرت منذ سنوات ظاهرة تدخين النرجيلة وخاصة بعد انتشار المطاعم والمقاهي في الأحياء الدمشقية القديمة التي يرتادها الشباب بشكل خاص، وشملت هذه الظاهرة الفتيات أيضاً، حيث تنظر معظم الفتيات إلى التدخين على أنه نمط من أنماط التحرر الاجتماعي والمساواة مع الرجل، والتمرد على العادات والتقاليد الاجتماعية.

ورغم الجهود الحكومية وجهود المنظمات الشعبية ومؤسسات المجتمع الأهلي في الحد من ظاهرة التدخين، إلا أن افتتاح الحكومة مصنعاً جديداً لانتاج التبغ مؤخراً باحتفال رسمي لا يعد مؤشراً إيجابياً، فالتشجيع على انتاج التبغ وانتشاره سيعرض شريحة كبيرة من الشباب لخطر الإصابة بأمراض عديدة لا تخجل شركات التبغ من التحذير عنها على عبواتها، مما يعني خسارة طاقات شبابية قادرة على بناء وتطوير المجتمع، كما أن الأموال التي يصرفها الشباب على شراء عبوات التبغ والأوقات التي يقضيها في المقاهي يمكن أن توجّه لصالح أعمال تعود بالفائدة على الفرد والمجتمع.

إننا مطالبون بالحد من ظاهرة التدخين والتضييق على مدمنيها عن طريق سن تشريعات حازمة تحظر التدخين في الأماكن العامة على غرار بعض الدول الأوربية التي بدأت بتطبيق مثل هذا الحظر، كما أن التوعية الصحية والاجتماعية يجب أن تكون حاضرة في وسائل الإعلام كافة، ولا يقل دور الأهل أهمية في ذلك، إضافة إلى اتباع استراتيجيات حاسمة في مواجهة الحملات الشرسة التي تقوم بها شركات التبغ في نشر ثقافة التدخين والترويج لمنتجاتها عبر مناورات تسويقية غير مباشرة تنعكس سلباً على جيل الشباب الذي يعد حجر الأساس في بناء المجتمعات المتطورة.

زاهر هاشم

3/6/2008

Published inكتابات

كن أول من ‫يعلق على المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.